كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وروى البخاري عن ابن مسعود قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات، والمتنصمات والمتفلجات للحسن، المغيرات لخلق الله، فقالت له امرأة في ذلك. فقال: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو فيكتاب الله. فقالت: لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول؟! قال: لئن لقد وجدتيه! أما قرأت {وَمَا آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا} [الحشر: 7].؟ قالت: بلى. قال: فإنه قد نهى عنه.
وقال ابن برجان: ما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم من شيء فهو من القرآن، أو فيه أصله قرب أو بعد، فهمه من فهم، أو عمه عنه من عمه، وكذا كل ما حكم أو قضلا به.
وقال غيره: ما من شيء إلا يمكن استخراجه من القرآن لمن فهمه الله تعالى. حتى إن بعضهم اتنبط عمر النَّبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا وستين من قوله في سورة المنافقين: {وَلَن يُؤَخِّرَ الله نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَآ} [المنافقون: 11]. فإنها راس ثلاث وستين سورة، وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن في فقده.
وقال المرسي: جمع القرآن علوم الأولين والآخرين، بحيث لم يحط بها علمًا حقيقة إلا المتكلم به، ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم، خلا ما استأثر الله به سبحانه، ثم ورث عنه معظم ذلك سادات الصحابة وأعلامهم. مثل الخلفاء الأربعة، ومثل ابن مسعود، وابن عباس حتى قال: لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله. ثم ورث عنهم التابعون لهم بإحسان، ثم تقاصرت الهمم، وفترت العزائم، وتضاءل أهل العلم، وضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه. فنوعوا علومه، وقامن كل طائفة بفن منفنونه.
فاعتنى قوم بضبط لغاته، وتحرير كلماته، ومعرفة مخارج حروفه وعددها، وعدد كلماته وآياته، وسوره وأجزائه، وأنصافه وأرباعه، وعدد سجداته، إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهة، والآيات المتماثلة. من غير تعرض لمعانيه، ولا تدبر لما أودع فيه. فسموا القراء.
واعتنى النحاة بالمعرب منه والمبني من الأسماء والأفعال، والحروف العاملة وغيرها، وأوسعوا الكلام في الأسماء وتوابعها، وضروب الأفعال، واللازم والمتعدي، ورسوم خط الكلمات، وجميع ما يتعلق به. حتى إن بعضهم عرب مشكله، وبعضهم أعربه كلمة كلمة.
واعتنى المفسرون بالفاظه، فوجدوا منه لفظًا يدل على معنى واحد، ولفظًا يدل على معنيين، ولفظًا يدل على أكثر، فأجروا الأول على حكمه، وأوضحوا الخفي منه، وخاضوا إلى ترجيخ أحد محتملات ذي المعنيين أو المعاني، وأعمل كل منهم فكره، وقال بما اقتضاه نظره.
واعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية، والشواهد الأصلية والنظرية. مثل قوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22]، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة. فاستنبطوا منه أدلة على وحدانية الله ووجوده، وبقائه وقدمه، وقدرته وعلمه، وتنزيهه عما لا يليق به، وسموا هذا العلم بأصول الدين.
وتأملت طائفة معاني خطابه. فرأت منها ما يقتضي العموم، ومنها ما يقتضي الخصوص، إلى غير ذلك فاستنبطوا منه أحكام اللغة من الحقيقة والمجاز، وتكلموا في التخصيص والإضمار، والنص والظاهر، والمجمل والمحكم والمتاشبه، والأمر والنهي والنسخ، إلى غير ذلك من أنواع الأقيسة، واستصحاب الحال والاستقراء، وسموا هذا الفن أصول الفقه.
وأحكمت طائفة صحيح النظر، وصادق الفكر فيما فيه من الحلال والحرام، وسائر الأحكام، فأسسوا أصوله وفروعه، وبسطوا القول في ذلك بسطًا حسنًا وسموه بعلم الفروع وبالفقه أيضًا.
وتلمحت طائفة ما غفيه من قصص القرون السابقة، والأمم الخالية، ونقلوا أخبارهم، ودنوا آثارهم ووقائعهم. حتى ذكروا بدء الدنيا، وأول الأشياء: وسموا بالتاريخ والقصص.
وتنبه آخرون لما فيه من الحكم والأمثال، والمواعظ التي تقلقل قلوب الرجال، وتكاد تدكدك الجبال. فاستنبطوا مما فيه من الوعد والوعيد، والتحذير والتبشير، وذكر الموت والمعاد، والنشر والحشر، والحساب والعقاب، والجنة والنار- فصولًا من المواعظ، وأصولًا من الزواجر. فسموا بذلك الخطباء والوعاظ.
واستنبط قوم مما فيه من أصول التعبير. مثل ما ورد في قصة يوسف: من البقرات السمان، وفي منامي صاحبي السجن، وفي رؤية الشمس والقمر والنجوم ساجدات، وسموه: تعبير الرؤيا، واستنبطوا تفسير كل رؤيا من الكتاب. فإن عز عليهم رؤية الشمس والقمر والنجوك ساجدات، وسموه تعبير الرؤيا، واستنبطوا تفسير كل رؤيا من الكتاب. فإن عز عليهم إخراجها منه، وفمن السنة التي هي شارحة الكتاب، فإن عسر فمن الحكم والأمثال. ثم نظروا إلى اصطلاح العوام في مخاطباتهم، وعرف عاداتهم الذي أشار إليه القرآن بقوله: {وَأْمُرْ بالعرف} [الأعراف: 199].
وأخذ قوم مما في آيات المواريت من ذكر الشهام وأربابها، وغير ذلك علم الفرائض واستنبطوا منها من ذكر النصف والثلث، والربع والسدس والثمن حساب الفرائض، ومسائل العول، واستخرجوا منه أحكام الوصايا.
ونظر قوم إلى ما فيه من الآيات الدالات على الحكم الباهرة في الليل والنهار، والشمس والقمر ومنازله، والنجوم والبروج، وغير ذلك- فاستخرجوا علم المواقيت.
ونظر الكتاب والشعراء إلى ما فيه من جزالة اللفظ وبديع النظم، وحسن السياق والمبادىء، والمقاطيع والمخالص والتلوين في الخطاب، والإطناب والإيجاز، وغير ذلك. فاستنبطوا منه علم المعاني والبيان والبديع.
ونظر فيه أرباب الإشارات وأصحاب الحقيقة، فلاح لهم من ألفاظه معان ودقائق، جعلوا لها أعلامًا اصطلحوا عليها، مثل الغناء والبقاء، والحضور والهوف والهيبة، والأنس والوحشة، والقبض والبسط، وما أشبه ذلك.
هذه الفنون التي أخذتها الملة الإسلامية منه.
وقد احتوى على علوم أخر من علوم الأوائل، مثل: الطب والجدل والخيئة، والهندسة والجبر، والمقابلة والنجامةن وغير ذلك.
أما الطب- فمداره على حفظ نظام الصحة، واستحكام القوة، وذلك إنما يكون باعتدال المزاج تبعًا للكيفيات المتضادة، وقد جمع ذلك في ىية واحدة وهي قوله: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67].
وعرفناه فيه بما يعيد نظام الصحة بعد اختلاله، وحدوث الشفاء للبدن بعد اعتلاله في قوله: {شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ} [النحل: 69].
ثم زاد على طب الأجساد بطب القلوب، وشفاء الصدور.
وأما الهيئة- ففي تضاعيف سوره من الآيات التي ذكر فيها من ملكوت السموات والأرض، وما بث في العالم العلوي والسفلي من المخلوقات.
وأما الهندسة- ففي قوله: {انطلقوا إلى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللهب} [المرسلات: 30-31]. فإن فيه قاعدة هندسية، وهو أن الشكل المثلث لا ظل له.
وأما الجدل- فقد حوت آياته من الراهين والمقدمات والنتائج، والقول بالموجبن والمعارضة، وغير ذلك شيئاَ كثيرًا، ومناظرة إبراهيم أصل في ذلك عظيم.
وأما الجبر والمقابلة- فقد قيل: إن أوائل السور ذكر وأعوام وأيام لتواريخ أمم سالفة، وإن فيها تاريخ بقاء هذه الأمة، وتاريخ مدة الدنيا، وما مضى وما بقي، مضروبًا بعضها في بعض.
وأما التجامة- ففي قوله: {أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ} [الأحقاف: 4]. فقد فسره ابن عباس بذلك.
وفيه من أصول الصنائع، وأسماء الآلات التي تدعو الضرورة إليها- فمن الصنائع الخياطة في قوله: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ} [الأعراف: 22]. الآية، والحدادة في قوله تعالى: {آتُونِي زُبَرَ الحديد} [الكهف: 96]، وقوله: {وَأَلَنَّا لَهُ الحديد} [سبأ: 10]. الآية، والبناء في آيات، والنجارة {أَنِ اصنع الفلك} [المؤمنون: 27]، والغزل {نَقَضَتْ غَزْلَهَا} [النحل: 92]، والنسج {كَمَثَلِ العنكبوت اتخذت بَيْتًا} [العنكبوت: 41]، والفلاحة {أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ} [الواقعة: 63]. في آيات أخر، والصيد في آيات، والغوص {والشياطين كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ} [ص: 37]. {وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً} [فاطر: 12]، والصياغة {واتخذ قَوْمُ موسى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا} [الأعراف: 148]. الآية، والزجاجة {صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوارِيرَ} [النمل: 44]، {المصباح فِي زُجَاجَةٍ} [النور: 35]، والفخارة {فَأَوْقِدْ لِي ياهامان عَلَى الطين} [القصص: 38]، والملاحة {أَمَّا السفينة فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي البحر} [الكهف: 79]، والكتابة {عَلَّمَ بالقلم} [العلق: 4]. في آيات أخر، والخبز والطحن {أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطير مِنْهُ} [يوسف: 36]، والطبخ {بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69]، والغسل والقصارة {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4]، {قَالَ الحواريون} [آل عمران: 52]، وهم القصارون، والجزارة {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3]، والبيع والشراء في آيات كثيرة، والصبغ {صِبْغَةَ الله} [البقرة: 138]. الآية، {جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ} [فاطر: 27]. الآية، والحجارة {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الجبال بُيُوتًا} [الشعراء: 149]، والكيالة والوزن في آيات كثيرة، والرمي {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} [الأنفال: 17]، {وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا استطعتم مِّن قُوَّةٍ} [الأنفال: 60].
وفيه من أسماء الآلات، وضروب المأكولا والمشروبات والمنكوحات، وجميع ما وقع ويقع في الكائنات- ما يحقق معنى قوله: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ} [الأنعام: 38]. انتهى كلام المرسي ملخصًا مع زيادات.
قلت: قد اشتمل كتاب الله على كل شيء. أما أنواع العلوم فبيس منها باب ولا مسألة هي أصل، غلا وفي القرآن ما يدل عليها، وفيه علم عجائب المخلوقات، وملكوت السموات والأرض، وما في الأفق الأعلى، وما تحت الثرى، وبدء الخلق، ومأسماء مشاهير الرسل والملائكة، وعيون أخبار الأمم السالفة. كقصة آدم مع إبليس في إخراجه من الجنة، وفي الولد الذي سماه عبد الحارث، ورفع إدريس وإغراق قوم نوح، وقصة عاد الأولى والثانية، وثمود، والناقة، وقوم لوط، وقوم شعيب الأولين والآخرين فإنه أرسل مرتين.
وقوم تبعن ويونس، وإلياس، واصحاب الرس، وقصة موسى في ولادته وفي إلقائه في اليم، وقتله القبطي، ومسيره إلى مدين وتزوجه ابنه شعيب، وكلامه تعالى بجانب الطور، وبعثه إلى فرعون، وخروجه وإغراق عدوه، وقصة العجل، والقوم الذين خرج بهم وأخذتهم الصعقة، وقصة القتال وذبح البقرة، وقصته في قتال الجبارين، وقصته مع الخضر والقوم الذين ساروا في سرب من الأرض إلى الصين، وقصة طالوت وداود مع جالوت وقتله، وقصة سليمان وخبره مع ملكة سبأ وفتنته، وقصة الوقم الذين خرجوا فرارًا من الطاعون فأماتهم الله ثم أحياهم، وقصة إبراهيم في مجادلته قومه، ومناظرته النمروذ، ووضعه إسماعيل مع أمه بمكة، وبنائه البيت، وقصة الذبيح، وقصة يوسف وما أبسطها، وقصة مريم وولادتها عيسى وإرساله ورفعهن وقصة زكريا وابنه يحيى، وأيوب وذي الكفل، وقصة ذي القرنين ومسيره إلى مطلع الشمس ومغربها وبنائه السد، وقصة أصحاب الكهف والرقيم، وقضة بختنصر، وقصة الرجلين اللذين لأحدهما الجنة، وقصة أصحاب الجنة الذين اقسموا ليصرمنها مصبحين، وقصة مؤمن آل فرعون، وقصة أصحاب الفيل، وقصة الجبار الذي أراد أن يعد إلى السماء.
وفيه من شأن النَّبي صلى الله عليه وسلم دعوة إبراهيم به، وبشارة عيسى وبعثه وهجرته، ومن غزواته: غزوة بدر في سورة الأنفال وأحد في آل عمران وبدر الصغرى فيها، والخندق {في الأحزاب}، والنضير {في الحشر}، والحديبية {في الفتح}، وتبوك {في براءة}، وحجة الوادع {في المائدة}، ونكاحه زينب بنت جحش، وتحريم سريته، وتظاهر أزواجه عليه، وقصة الإفك، وقصة الإسراء، وانشقاق القمر، وسحر اليهود إياه.
وفيه بدء خلق الإنسان إلى موته، وكيفية الموت، وقبض الروح ما يفعل بها بعد صعودها إلى السماء، وفتح الباب للمؤمنة وإلقاء الكافرة، وعذاب القبر والسؤال فيه، ومقر الأرواح، وأشراط الساعة الكبرى العشرة، وهي:
نزول عيسى، وخروج الدجال، ويأجوج ومأجوج، والدابة، والدخال، ورفع القرآن، وطلوع الشمس من مغربها، وإغلاق باب التوبة، والخسف.
وأحوال البعث: من نفخة الصور، والفزع، والصعق، والقيام، والحشر والنشر، وأهوال الموقف، وشدة حر الشمس، وظل العرش، والصراط، والميزان، والحوض، والحساب لقوم، ونجاة آخرين منه، وشهادة الأعضاء، وإيتاء الكتب بالإيمان والشمائل وخلف الظهور، والشفاعة، والجنة وأبوابها، وما فيها م الأشجار والثمار والأنار، والحلي والألوان، والدرجات، ورؤيته تعالى، والنار وما فيها من الأودية، وأنواع العقاب، وألوان العذاب، والزقوم والحميم، إلى غير ذلك مما لو بسط جاء في مجلدات.
وفي القرآن جميع اسمائه تعالى الحسنى كما ورد في حديث، وفيه أسمائه مطلقًا ألف اسم، وفيه من أسماء النَّبي صلى الله عليه وسلم جملة.
وفيه شعب الإيمان البضع والسبعون.
وفيه شرائع الإسلام الثلاثمائة وخمس عشرة، وفيه أنواع الكبائر وكثير من الصغائر.
وفيه تصديق كل حديث ورد عن النَّبي صلى الله عليه وسلم- هذه جملة القول في ذلك اه كلام السيوطي {في الإكليل}.
وإنما أوردناه برمته مع طوله. لما فيه من إضاح: أن القرآن فيه بيان كل شيء، وإن كانت في الكلام المذكور أشياء جديرة بالانتقاد تركنا مناقشتها خوف الإطالة المملة، مع كثرة الفائدة في الكلام المذكور في الجملة.
وفي قوله تعالى: {تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ} وجهان من الإعراب:
أحدهما- أنه مفعو من أجله، والثاني: أنه مصدر منكر واقع حالًا. على حدَّ قوله في الخلاصة:
ومصدر منكر حالا يقع ** بكثرة كبغتة زيد طلع

تنبيه:
أظهر القولين: أن التبيان مصدر، ولم يسمع كسر تاء التفعال مصدرًا إلا في التبيان والتلقاء، وقال بعض أهل العلم: التبيان اسم لا مصدر. قال أبو حيان في البحر: والظاهر أن {تبيانًا} مصدر جاء على تفعال، وإن كان باب المصادر يجيء على تفعال بالفتح كالترداد والتطواف، ونظير تبيان في كسر تائه: تلقاء، وقد جوز الزجاج فتحه في غير القرآن، وقال ابن عطية: {تِبْيَانًا} اسم وليس بمصدر، وهو قوله أكثر النحاة، وروى ثعلب عن الكوفيين، والمبرد عن البصريين: أنه مصدر، ولم يجىء على تفعال من المصادر إلا ضربانك تبيان وتلقاء اه- والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: {وَهُدًى وَرَحْمَةً وبشرى لِلْمُسْلِمِينَ}.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن هذا القرآن العظيم هدى ورحمة وبشرى للمسلمين، ويفهم من دليل خطاب هذه الآية الكريمة- أي مفهوم مخالفتها-: أن غير المسلمين ليسوا كذلك، وهذا المفهوم من هذه الآية صرح به جل وعلا في مواضع أخر، كقوله: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَاء والذين لاَ يُؤْمِنُونَ في آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} [فصلت: 44]، وقوله: {وَنُنَزِّلُ مِنَ القرآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظالمين إَلاَّ خَسَارًا} [الإسراء: 82]، وقوله جل وعلا: {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هذه إِيمَانًا فَأَمَّا الذين آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إلى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة: 124-125]، وقوله: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} [المائدة: 64]. في الموضعين. اهـ.